وازن الإسلام علاقتنا بالحيوانات بين منفعتنا بها وبين الرحمة والرفق بها، ولا أدلّ على هذا من أن عدَّة سور في القرآن الكريم تحملُ أسماء من أسماء الحيوان مثل: البقرة، والأنعام، والنحل، وغيرها.
ونصَّ القرآن الكريم على تكريم الحيوانات، وبيان منافعها ومكانتها في الأرض جنباً إلى جنب مع الإنسان، فيقول الله تعالى في سورة النحل:
{وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ . وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ . وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.
الرفق بالحيوان بالسنة النبوية
تزخر السيرة النبوية والأحاديث الشريفة بالعديد من المواقف التي تبين مدى اهتمام الرسول ﷺ بالحيوان، وبيان حقوقه، وتأكيده على الرفق به. فقد كان ﷺ رحيماً بكل شيء؛ سواء كان بشراً أو حيواناً أو جماداً.
ومن الرحمة بالحيوان والطير في هدي النبي ﷺ أنه لا يجوز تعذيبها ولا تجويعها أو حبسها أو تكليفها ما لا تطيق، بل كما أمر رسول الله أن يُستخدم الحيوان فيما خُلِقَ له، وحدَّد الغرض الرئيس من استخدام الدوابِّ.
وأكثر من ذلك، أمرنا رسول الله بالإحسان إلى الحيوانات واحترام مشاعرها، ولعلّ أعظم مثالٍ لهذا الخُلُق كان نهيه ﷺ عن تعذيب الماشية أثناء الذَّبح لأكل لحمها، سواء كان التعذيب جسدياً حين اقتياده للذبح أو اختيار أداة سيئة لذبحه، أو حتى تعذيبها نفسياً بجعلها ترى السكين أو ترى غيرها من المواشي تُذبح أمامها.
فقد روى شَدَّاد بن أوس قال: ثِنْتَانِ حفظتهما عن رسول الله قال: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ, وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ".
تستفيد الحيوانات من المياه النظيفة كما يستفيد الناس.. وفي كل كبد رطبة أجر
تبرع لمصادر مياه مستدامة في اليمن
صور من رحمة الرسول بالحيوان
- عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : كنا مع رسول الله ﷺ في سفر
فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرَة (طائر صغير) معها فرخان، فأخذنا فرخيها،
فجاءت الحمرة فجعلت تُعَرِّشُ(ترفرف بجناحيها)، فجاء النبي ﷺ فقال : (من
فجع هذه بولدها؟، ردوا ولدها إليها).
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي ﷺ قال : (بينا رجل بطريق اشتد
عليه العطش، فوجد بئراً، فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل
الثرى(التراب) من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل
الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له
فغفر له.. قالوا : يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: في كل
ذات كبد رطبة أجر).
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ﷺ: (بينما كلب يطيف
بركية (بئر)، قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل،
فنزعت موقها (خُفَّها)، فاستقت له به، فسقته إياه، فغفر لها به).
- قال رسول الله ﷺ: ( دخلت امرأة النار في هِرَّة(قطة)، ربطتها، فلا هي
أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا).
- دخل النبي ﷺ بستاناً لرجل من الأنصار، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ
النبيَّ ﷺ ذرفت عيناه، فأتاه رسول الله ﷺ فمسح عليه حتى سكن، فقال: (لمن
هذا الجمل؟، فجاء فتى من الأنصار فقال : لي يا رسول الله ، فقال له:
أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا لي أنك
تجيعه).
- عن سعيد بن جبير ـ رضي الله عنه قال: (مَرَّ عبد الله بن عمر ـ رضي الله
عنهما ـ بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من
فعل هذا؟، لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله -ﷺ لعن من اتخذ شيئاً فيه
الروح غرضاً).
يستفيد المجتمع بأكمله من المياه النظيفة، البشر والحيوانات والنباتات، تبرع لمصدر مياه نظيفة مستدام
احفر بئرًا